رجال من ذهب

ماعساني أن اقول عنه , تتوارى الكلمات خجلا ويقف القلم حائرا

فكلاهما لايفي الرجل حقه ولعلي أخرج من حيرتي بالحديث عنه من خلال موقف

واحد جمع بينه وبين المربي الجليل الاستاذ عبدالقادر احمد (ودالجزار)

الذي ينتمي الى العصر الذهبي للتعليم، فله التجلة ولتلك الكوكبة التي

شاركته في هذا العمل التربوي الكبير ، ومانحن إلا من غراسهم وتشكيل
أيديهم ، فلهم منا كل تقدير وعرفان . أهم ما كان يميز العمدة علي عوض
عجيل رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى وبارك الله في ذريته
أنه اذا خرج من بيته قاصدا السوق أو إذا قفل راجعا كان يمشي بسكينة
ووقار ولا ينظر الى الوراء ابدا ولايلتفت وهذا خلق اسلامي أصيل ؛ لأن
كثرة التلفت تتنافي مع غض البصر الذي يعتبره الاسلام أحد حقوق الطريق

حيث امرنا الرسول الكريم بان نعطي الطريق حقه وهذه واحدة من صفات كريمة
كثيرة كان يتحلى بها الرجل

في ذات يوم عندما كان عائدا من السوق متجها نحو منزله الذي يبعد عن
السوق بضعة"كيلومترات وعندما وصل ميدان المدرسة

التي تتوسط المسافة بين منزله والسوق؛ فاذا بثور هائج انفلت من قبضة

الجزارين وكان يجري في اتجاه العمدة بعنف لأنه يعرف المصير الذي ينتظره
فلذلك لايريد ان يقع فريسة في يد الإنسان أي إنسان؛ لأنه يعرف بفطرته أن
كل انسان عدو له فهو لايرحم كل من يجده أمامه وفي هذه الأثناء كان
الأستاذ عبدالقادر داخل الفصل يقف بالقرب من النافذة فإذا بعينه تقع
على ذلك المشهد العصيب، فما كان منه إلا أن قفز من النافذة حافيا وجرى
بقوة ليأخذ مكانه بين العمدة والثور، وبسرعة بديهة وشجاعة نادرة استطاع
أن يغير اتجاه الثور الذي أصبح يجري خلفه وهكذا أنقذ الموقف غير آبه
بما سيحدث له من جراء تلك المغامرة لأنه يعلم علم اليقين أن العمدة
لايلتفت ولا يغير طريقه لأن نفسه شبت على غير ذلك هذا غيض من فيض
سجاياهم فلله درهم من رجال من ذهب

الأستاذ عبد القادر ود الجزار من الأساتذة الأجلاء الذين تلقيت على يديهم بدايات المعارف وهو من مدينة القضارف، حي الجباراب ومن الأساتذة المحبوبين ،،، سكنت في جواره في حي الجباراب وأنا في المرحلة الثانوية حيث كنت أسكن في بيت خالي مبارك الخضر وتعرفت إليه فوجدت كما هو ، مثال في دماثة الأخلاق والتفاني ،،،
أشكرك أخي عبد الرحيم على اللفتة البارعة ،،،